ذلك بأنه قد تعرض للضغط لان علامة الايمان تحدي الضغوط ، وتفضيل الاخرة على مصالح الدنيا وشهواتها.
وانما سقط الغابرون عند ما خارت عزائمهم عند مواجهة التحديات فأخذوا يتهاونون في أمر الدين ، ويلينون أمام الصعاب.
(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)
كذب الذي يزعم ان رزقه من العباد فأخذ يداهنهم ، أو من الأنواء فطفق يستدرها بدل ان يشكر بارئها ، فقد يكون الناس سببا للرزق ، ولكن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ، فلا يجوز مداهنتهم وتكذيب الحق للحصول على لقمة الخبز ، بل الله يجب ان يخاف ويتقى ، لأنه إذا منع الرزق لا يقدر أحد على منحه ، وإذا منح فلا يقدر أحد على منعه. وبهذا نعرف ان تفاسير الاية المختلفة تعود بالتالي الى تفسير واحد : انهم قد زعموا خطأ ان رزقهم بالتكذيب مداهنة للناس ، ولعل هذا الزعم هو مورد استشهاد النصوص التي جعلت الرزق بمعنى الشكر حسب مورد النزول المروي ، ذلك ان زعم أهل الجاهلية بأنّ الأنواء هي التي تمطرهم هو كزعم هؤلاء ان التكذيب سبب لرزقهم.
وهذا التفسير ينسجم مع السياق الذي يستهدف تركيز الايمان بالله وحده والتصديق بأنه الخالق الرزاق (الآيات ٥٧) وبالأخص إذا لا حظنا قوله : «فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ» في الاية (٧٠).
قال الامام علي (عليه السلام) : «تجعلون شكركم انكم تكذبون ، (وأضاف يعني أهل الجاهلية) وكانوا إذا امطروا قالوا : أمطرنا بنوء كذا وكذا ، فأنزل الله الآية» (١) ، وجاء في تفسير القرطبي يعلل استبدال كلمة الرزق بالشكر في
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٢٧