(وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)
وقالوا في معنى العقيم : أنّه الذي لا ينتج غيثا ولا لقاحا. ولعلّ العقيم هو الذي لا يذر شيئا بعده فتكون الآية التالية تفسيرا له.
[٤٢] ويبدو أنّ الإعصار كان يحمل نارا وسمّا ، وهكذا لم يدع شيئا قائما على حاله بل أباد الأرض وما عليها وجعلها رميما.
(ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)
قالوا : من الرّمة العظم البالي ، والرّمة الحبل البالي ، والرّم ما يقع على الأرض من التبن ، وقال : البعض الرميم الرماد ، وقال آخر : إنّه الذي ديس من يابس النبات. إنّه التراب المدقوق ، وقال ابن عباس : كالشيء الهالك البالي.
ويبدو لي أنّ الكلمة توحي بانعدام الشيء ، فإذا كان البناء يتهدّم ، وإذا كان العظم أصبح مهشّما ، والحبل باليا ، والتراب رمادا لا حياة فيه .. وإذا صحّ هذا التفسير فإنّ تلك الأرض لا تصلح لإعادة الحياة فيها أبدا ، وهذا عاقبة طغيانهم وتحدّيهم لرسالات ربّهم.
[٤٣] ومن جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها حيث سكنت قبائل ثمود في منطقة (حجر) نقرأ ذات القصة ، ونجد ذات العبرة ، وتتجلّى حقيقة المسؤولية والجزاء.
لقد كفروا بالرسالات ، وتمرّدوا على رسولهم ، وعقروا الناقة ، فأمهلوا ثلاثة أيّام ، فلم يقدروا على الفرار ، ولا نصرهم ما أشركوا به ، ولا نفعتهم الحيلة ، بل دمّروا بالصاعقة شرّ تدمير .. وهكذا كانت في ثمود آية بيّنة.