يبحث عن مال ومقام فلما ذا يتحدّى سلطانه؟ لماذا لا يخضع له كما فعل سائر السحرة؟ وإذا كان مجنونا فما هذه الحجّة البالغة لديه والسلطان المبين؟ ما هذه المعاجز التي تتوالى على يديه؟
وهذا الترديد شائع عند كلّ الذين يكفرون بالحق ، ويعاندون أمام الحجج البالغة ، ذلك أنّ الحق يفرض نفسه على الساحة حتى لا يكاد أحد يقدر على التهرّب منه.
[٤٠] أنظر إلى عاقبة أمرهم ، لقد أخذهم الله بقوّته فلم يقدروا على الفرار من جزائه العادل بمثل ما تهرّبوا من الحق الذي دعاهم إليه ، ثم ألقاهم في البحر كما ينبذ شيء يسير لا وزن له ولا قيمة.
(فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ)
ولا يلام غيره. أفلم ينذره الله ، وأتمّ الحجّة عليه فلم تنفعه شيئا؟
(وَهُوَ مُلِيمٌ)
تلاحقه لعنة الله والملائكة والناس إلى يوم القيامة.
[٤١] وإذا تكرّرت صورة أخذ الطغاة والمجرمين فإنّ السنّة واحدة ، وتلك السنّة تصبح عبرة لمن شاء أن يعتبر ، ففي أرض الأحقاف الواقعة ـ حسب المفسّرين ـ بين حضرموت وعمان كانت قبائل عاد تطغى وتفسد وتبطش بالناس كما الجبّارون ، وجاءهم النذير فلم يستجيبوا له ، فأرسل الله عليهم الريح لا لكي تلقّح ثمارهم أو تحمل الغيث إلى أرضهم العطشى ، بل لكي تبيد ما أتت عليه من زرع وضرع وإنسان وأثاث وبناء حتى لا تخلّف وراءها شيئا فهي عقيم.