أطول وأضخم من جسمه ، وهذا التوجيه والألفات إلى الحقائق التي تلتقي كلّها عند التذكير بالله ، لا شك أنّه سوف يحدث في نفسه انبهارا إيجابيّا بعظمة الخالق ممّا يقوده إلى التسليم إليه .. والقرآن يصرّح بهدف تحطيم كبرياء الإنسان من وراء ذلك عند ما يقول : «وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً» (١).
٣ ـ كما تبيّن الآيات من خلال القسم في كثير من موارده حسن التدبير وسلامة الصنع في الخلق ، وبالتالي دلالة ذلك على هدفية الحياة ، هذه الحقيقة التي ينبغي للإنسان إدراكها ، وتكييف تفكيره وسلوكه وفقها ، فهل يعقل أن تكون مفردات الحياة (الجبل ، والكتاب ، والجلد الذي يسطّر عليه ، وبيت العبادة ، والسماء ، والبحر) كلّها ذات حكمة وهدف إلّا الإنسان حتى يخوض ويلعب؟! كلّا .. إنّه الآخر خلق لهدف فلا بد أن يتعرّف عليه ، ويسعى لتحقيقه ، وإلّا راح طعمة لنار جهنّم تقع به ألوان من العذاب لا يدفعها عنه شيء.
(وَالطُّورِ)
قسما بالجبل وما يمثّله من مظاهر قدرة الله وحكمته ، وأيّ جبل هو طور في اللغة ، ولكن أبرز الجبال وأعظمها والتي يتوجّه لها هذا القسم بصورة خاصة هو طور سيناء الذي تلقّى النبي موسى (ع) عنده الوحي ، والذي نتقه الله ورفعه على رؤوس بني إسرائيل حينما عصوا الرسول ، وكذلك جبال مكّة التي تلقّى فيها نبينا محمد (ص) الوحي عند غار حراء ، فذكر الطور إذن يذكّر المؤمنين بآيات وجوانب كثيرة من قصة رسالة إلهية عظيمة .. لهذا نجد ذكره يقترن بذكر الكتاب الذي
__________________
(١) الإسراء / (٣٧).