(يا أَيُّهَا النَّبِيُ)
وربما لم يخاطبه الجليل بصفته رسولا يبلّغ أحكام الله ورسالته بل بصفته نبيّا لكي لا يعدّ إيلاؤه جزء من الرسالة.
(لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ)
إنّ التحريم هنا بمعنى الامتناع وليس بمعنى التشريع ، قال الله تعالى في شأن موسى ـ عليه السلام ـ : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ) (١) ، ولو كان الرسول بتحريمه مشرّعا لجاء التعبير (لا تحرّم) بالنهي ، لأنه لا مشرّع إلّا الله ولا يجوز لأحد مهما كان أن يشرّع من دونه.
فعن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال : سألته عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام ، فقال لي «لو كان لي عليه سلطان لأوجعت رأسه وقلت له : الله أحلّها لك فما حرّمها عليك؟ إنّه لم يزد على أن كذب فزعم أنّ ما أحلّ الله له حرام ، ولا يدخل عليه طلاق ولا كفارة» (٢) ولم يحرّم مشرّعا الرسول ، إنّما امتنع عن مقاربة مارية القبطية لغاية هي إرضاء زوجاته اللّاتي أثارتهنّ الغيرة.
(تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ)
وفي الآية تحذير للرسول ولكل قائد أن لا يتأثّر بأحد ولو كان أقرب الناس إليه ، لأن الضغوط التي يوجهها المقربون للقيادة ليس بالضرورة آتية من دوافع داخلية وإن كانت تتلبس بهذا الثوب ، إنّما تنتقل عادة إلى بيت القائد من أبعد نقطة ، ولكن عبر حلقات متواصلة حتى تبلغ القائد ، وبالخصوص في هذا العصر الذي
__________________
(١) القصص ١٢
(٢) نور الثقلين ج ٥ ص ٣٦٨ نقلا عن الكافي.