(وَاللهُ مَوْلاكُمْ)
فالذي يفرضه هو الواجب ، ولا يجوز للمؤمنين أن يأخذوا تشريعاتهم من مصدر سواه ، لأنّه حيث يشرّع أهل لذلك ، لاحاطته علما بكلّ شيء ، ولأنه لا يضع حكما إلّا لحكمة بالغة.
(وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
وإيمان الإنسان بهاتين الصفتين لله يبعث فيه روح التسليم والرضى بكل ما يفرضه عليه حيث يشعر بفطرته وعقله أنّه يتلقّى تشريعاته من لدن عليم حكيم ، بل إن ذلك يجعله لا يؤمن إلّا بما يتنزل من عنده ، أمّا ما يضعه البشر من النظم والأحكام فإنّها لا تدعوا إلى الاطمئنان بها ، لأنّ واضعها محدود العلم والحكمة.
[٣] ويكشف لنا الوحي بعد الكلام عن حادث التحريم الذي جاء نتيجة ضغوط بعض أزواج النبي عن صورة أخرى سلبية من تعاملهنّ معه ـ صلّى الله عليه وآله ـ حيث يفشين أسراره إلى الآخرين. الأمر الذي ينطوي على خيانتين : خيانة له كزوج فالزوجة المخلصة يجب أن تكون مستودع سر زوجها ولا يليق بها إشاعته لأحد مهما كان قرابته ومكانته ، وخيانة له كنبي وقائد للأمة.
(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً)
قيل أنّه تحريم مارية على نفسه ، وقيل أنّه تحدّث عن التيارات السياسية والاجتماعية التي كانت في الأمة ، وعن مستقبل السلطة السياسية فيها ، وهو الأقرب والأهم ، لأن تحريم مارية لم يكن في الخفاء ، ولا يحتاج الكلام عن إفشاء هكذا حديث إلى التأكيد على مظاهرة الله والملائكة وصالح المؤمنين للنبي. وفي مجمع البيان قال العلّامة الطبرسي (رض) : ولمّا حرّم مارية القبطية أخبر حفصة أنّه