يملك من بعده أبو بكر وعمر (١).
(فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ)
قيل أنّ كلّا من حفصة وعائشة أخبرتا أبواهما بالأمر ، إمّا بسبب العلاقات العاطفية المتينة بين البنت وأبيها ، أو لحب التظاهر بالحضوة عند الرسول ، وهذان من أوسع الأبواب التي تخرج منها أسرار الإنسان إلى الآخرين. وإذا كان الإنباء بأسرار النبي يتمّ بعيدا عن سمعه ونظره فإنّه لن يكون بعيدا عن رقابة الله الذي أخبر رسوله بالأمر.
(وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ)
أي كشف له أنّ هذه الزوجة لم تصن سره.
(عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ)
مما يفصح عن معدن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ حيث الأخلاق والحكمة ، فهو لم يعاتبها على كل شيء بل أظهر جانبا من أمرها وكأنّه يجهل الجوانب الأخرى ، ولعل ما أعرض عن ذكره كان يتسبب لو ذكره في حرج عظيم لها ، وآثار سلبية لا تحمد عقباها ، وذلك غاية في الحكمة لكل زوج في أسرته ، ولكل قائد تجاه أمته.
(فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا)
ولعلها حينئذ كانت مرتابة في أنّ من أطلعته على السر هو الذي أخبر النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ وغاب عن بالها وإيمانها أنّه متصل بالوحي ومؤيّد من عند
__________________
(١) مجمع البيان / ج ١٠ عند الآية.