اتبعوهم في الدنيا ، فهم يقودونهم إلى الجنان كما قادوهم إلى الحق والعمل الصالح في دار الدنيا ، قال الإمام أبو عبد الله (ع): «أئمة المؤمنين نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم» (١).
وعند ما نبحث عن الأسباب التي نجى بها المؤمنون من الخزي يوم القيامة ، وسعى لأجلها نورهم بين أيديهم ، نجد من أهمها طموحهم الكبير للكمال ، وتوكّلهم على ربهم ، ودعاؤهم إليه أن يغفر لهم .. هكذا يدعون ربهم :
(يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا)
ومن تمام النور كمال الوعي واصابة الحق في كل جوانب الحياة وأبعادها المختلفة ، وهناك علاقة بين دعاء المؤمنين بتمام النور وغفران الذنوب فإنّ الخطايا في الحقيقة ظلمات معنوية تتمثل يوم القيامة ، الظلم ظلمات ، والغش ظلمات وهكذا الكذب والإسراف و.. ، فهم من جهة يسألون ربهم تمام النور ، ومن جهة أخرى يطمحون إلى النجاة من ظلمات الذنوب والخطايا. ودون هاتين الغايتين تقف التحديات الصعبة التي تحتاج إلى عزم الإرادة ، واستقامة الإيمان ، اللذان يستمدهما المؤمنون من ذي القوة المطلقة بالدعاء والتوكل ، إذ يعلمون أنّ بلوغ الغايات السامية (تمام النور ، والغفران) يحتاج إلى توفيق الله وأن تجانب سعيهم قدرته ، وهذا ما تشير إليه الخاتمة :
(إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
وكلمة أخيرة : إنّ الله سبحانه بعد الأمر بالتوبة النصوح والدعوة إليها لم يقل جزما : (يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) .. إنّما أضاف (عسى) التي تفيد الترجّي ..
__________________
(١) المصدر ص ٣٧٥.