أمره واتصل به وخضع له ، وهذه من أعظم أبعاد الخشية منه تعالى.
الثاني : أنّها تجتث من نفس الإنسان جذور الشرك ، لكي لا يأمن مكر الله ثم يعصيه اعتمادا على الشركاء المزعومين (كالشياطين والأصنام والملائكة بأنّهم قادرون على مقاومة قدرة الله ومنع مشيئته) أو استرسالا مع رحمته تعالى.
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ)
أي تموج وتضطرب كما يمور البحر ، وذلك بإحداث انهيارات أرضية وزلازل ، أو بتغيير النظام الأرضي مرّة واحدة مما يفقدها توازنها بصورة رهيبة ، وفي الآية إشارة إلى ذلك بكلمة الخسف التي تعني التغيير والتبديل باتجاه سلبي.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً)
وفي التساؤل ب «أم» تلويح بالنهي عن أن يأمن أحد مكر الله لما فيه ذلك من دواعي المعصية والاسترسال ، والحاصب حجارة العذاب المتقدة نارا ، وقوله تعالى «مَنْ فِي السَّماءِ» في الآيتين محمول على أحد وجوه ثلاثة : فإمّا هو كناية عن تعاليه سبحانه ، وإمّا لأنّ في السماء عرشه الذي تصدر منه أوامره عزّ وجل ، وإمّا يكون إشارة إلى الملائكة التي تنفّذ أمر الله ومشيئته في الحياة.
ونتساءل : ما هي العلاقة بين تحذير الله للناس من الكفر به وتهديده بتحطيم النظام الكوني لو كفروا؟ والجواب : لأنّه تعالى (كما بيّن في الآية الثانية) إنّما خلق الوجود الحي والميت لأجل الإنسان ، فإذا أفسد البشر حكمة وجوده بطلت حكمة الوجود الذي حوله أيضا.
وما تحمله آيات الله من الإنذار لا تستوعبه إلّا قلوب المؤمنين فإذا هم يخشون