فكيف كان العذاب المنكر الذي لم يكونوا يحتسبوه والذي نزل بساحتهم من عند الله سبحانه؟!!
ويحتمل هذا المقطع معنى آخر غير المنكر الفظيع إذا تصوّرنا القرآن يتساءل : كيف إذن تنكرون ، والشواهد ظاهرة ، والآيات قائمة؟
[١٩] ويلفت القرآن الأنظار والأفكار إلى مشهد الطيور وهي تطير في الفضاء ، ليثير عقولنا نحو دراسة هذه الظاهرة التي تحكي تذليل الله السماء للطيور برحمته ، وتكشف عن مئات القوانين العلمية التي تفيد الإنسان في حياته وحضارته. فلما ذا لا يتساءل ما هي القوانين الفيزيائية التي يمكن في ضوئها الطيران؟ ولماذا لا يبحث عن الأسباب والعوامل التي تجعل الطائر يسبح في الفضاء دون أن يقع على الأرض؟ وأهمّ من ذلك كلّه لماذا لا يحاول أن يتصل قلبه بروح هذا العالم ليراه آية واضحة من آيات ربه العظيم؟
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ)
والصف هو بسط الجناحين بينما القبض هو جمعهما إلى الجسم ، ولعل في الآية إشارة بهاتين الكلمتين إلى نوعين من الطيور : أحدهما صفّه أكثر من قبضه ، والآخر العكس ، وإلى أيّهما نظر الإنسان تجلّت آيات رحمة الله ، ولكنّها أظهر عند رؤية ما يصفّ منها ، وربما لذلك تقدّم ذكره على الذي يقبض .. وإنّما يكون طيران الطيور مظهر لرحمة الله لأنّه تعالى لو لم يذلّل لها الفضاء بالنظام الذي يسمح لها بالطيران لما كانت تجد سبيلا إلى ذلك فهو الذي يمسكها ، ولأنّها بالطيران تستطيع الهرب من الأخطار.
ولعلّ كلمة «فوقهم» في الآية تثير الإنسان نحو التحدي فيسعى ليكون قادرا