على الطيران ، وما كان الإنسان ليكتشف أسرار الطيران لو لم يكن يدرس هذه الظاهرة الكونية ويطّلع على قوانينها فإذا به يصنع مختلف وسائل الطيران.
(إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ)
فهو يعطي كلّ خلق من خلقه القدرات والصفات ما يتناسب معه ومع دوره في الحياة ، حتى يكون كل شيء في نفسه وحسب هدفه كاملا قد منحه ربه كل ما يحتاج ، وذلك يؤكد الحقيقة التي تعلنها الآية : (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) يتبصر حقيقته ودوره والهدف من خلقه وتناسب هذا الخلق مع سائر خلقه سبحانه.
ونحن يجب أن نهتدي إليها حينما نشاهد طائرا يطير وقد جعل كلّ شيء مناسبا لحركته في الفضاء : حجمه ، أجنحته ، تركيبة بدنه ، طعامه وشرابه ، وتوالده وتكاثره ، هذا ما نعرفه وسائر البشر ، أمّا العلماء والمتخصصون الذين يدرسون حياة مخلوقات الله جامدة أو متحركة فهم كلّما ازدادوا معرفة بها ازدادوا إيمانا بدقة صنعه عزّ وجل.
تعالوا نستمع إلى الإمام جعفر بن محمّد الصادق ـ عليه السلام ـ يحدّث رجلا من شيعته (المفضل بن عمر) عن الدقة في خلقة الطير والحكمة في صنعه :
«تأمّل يا مفضّل الطائر وخلقته فإنه حين قدّر أن يكون طائرا في الجوّ خفّف جسمه وادمج خلقه ، فاقتصر به من القوائم الأربع على اثنتين ، ومن الأصابع الخمس على أربع ، ومن منفذين للزبل والبول على واحد يجمعهما ، ثمّ خلق ذا جؤجؤ محدّد ليسهل عليه أن يخرق الهواء كيف ما أخذ فيه ، كما جعل السفينة بهذه الهيئة لتشقّ الماء وتنفذ فيه ، وجعل في جناحيه وذنبه ريشات طوال متان لينهض بها للطيران ، وكسي كلّه الريش ليداخله الهواء فيقلّه ، ولما قدّر أن يكون طعمه الحبّ واللّحم يبلعه بلعا بلا مضغ نقص من خلقه الأسنان ، وخلق له منقار