في الأمر : لازمه وأبى أن ينصرف عنه (١) إصرارا ، والعتو : الاستكبار الذي يجاوز الحد ، والقلب يقسو فلا يلين ، والظالم يطغى ويتجبر (٢) ، والنفور : يعني التباعد ونفر الظبي وغيره شرد وابتعد ، والإنسان أعرض عن الشيء وصدّ (٣) ، وفي كلمة «نفور» تشبيه للكفّار بالحمير والدواب (٤) إذ تمادوا في معاندة الحق مع وضوحه ، وأصروا على لزوم الباطل مع زهوقه ، وتجاوزوا الحد في الاستكبار ، وركبوا التباعد عن الحق شرودا وإعراضا وصدودا.
[٢٢ ـ ٢٣] وكيف لنا أن نتصور مسيرة من كان في غرور ولجاجة من العتو والنفور عن الهدى والحق ، إلّا كمن يمشي مرسلا نظره إلى الأرض لا يرى أمامه ، أو كمن على بصره غشاوة يتخبط ولا يهتدي سبيلا أفهل يستوي هو ومن يبصر أمامه وينتفع بجميع حواسه وهو على صراط مستقيم؟!
(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
وللكبّ معنيان ـ حسبما قالوا ـ : أحدهما الذي ينظر إلى الأرض وهو يمشي ، والثاني من لف على وجهه شيئا يقال تكبكب في ثيابه إذا تلفف بها ، والمكب على وجهه الذي لفّ عليه شيئا ، والسوي الذي يمشي بكامل حواسه وإمكاناته ووعيه فهو السويّ ، قال تعالى : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) (٥) أي كاملة ، وقال : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) (٦) أي الصراط
__________________
(١) المنجد مادة لج.
(٢) المصدر مادة نفر بتصرف.
(٣) المصدر بتصرف.
(٤) قال تعالى : (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ* فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) المدثر ٥٠ / ٥١.
(٥) مريم ١٠.
(٦) طه ١٣٥.