ـ عليه السلام ـ : «ولو لا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين أبدا» (١) ، ولكنك ترى الضالين الذين حجبهم الكفر والشرك عن رؤية هذه الحقيقة يستهزءون بها فيذهبون فرصتهم الوحيدة في بحوث عقيمة تافهة ، فيتساءلون ـ مثلا ـ عن موعد الساعة.
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
وأسئلة أخرى تافهة كقولهم : كيف يحي الله الموتى؟ وإنّك حين تدرس خلفياتها وأهدافها في نفوسهم تجد أنّهم لا يريدون بها معرفة الحقيقة ، إنّما مجرد الجدل والعناد. أو ليسوا يبحثون عن تبرير للتملص من مسئولية الالتزام بالحق ، واتباع القيادة الرسالية في الحياة ، والهرب من وخز الضمير ونداء الفطرة؟ إذن لا بد أن يكفروا بالآخرة لأنّ الإيمان بها قمة الشعور بالمسؤولية ، ولكن هل يغيّر إنكارهم للحقيقة الواقعية شيئا ، فلا تقع الساعة ويصبح الداعية إليها كاذبا لو كفروا بها؟ كلّا .. فلينكر أحد حقيقة الموت ، وليكذّب من يذكّره بها ، فهل يبقى خالدا إلى الأبد ويصير المذكّر كاذبا؟ وسؤال آخر : هل انّ عدم علم الإنسان بلحظة موته ـ مثلا ـ ينفي حقيقة الموت؟ فلما ذا يعتبر الجاحدون عدم إخبار الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ لهم بموعد الساعة دليلا على انتفائها وكذب المؤمنين بها؟
(قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ)
وهنا نتساءل : لماذا تأتي هذه الإجابة كلّما تحدّى الكفّار الرسول بالسؤال عن موعد الساعة ، أو ليس الأفضل أن يطلعه الله عليها فيجيبهم وينتصر عليهم في الجدال؟
__________________
(١) هكذا وصفهم إمام المتقين علي بن أبي طالب في الخطبة ١٩٣ من نهج البلاغة.