فغرسها بيده ، ثم قال : واليد القوة وليس بحيث تذهب إليه المشبّهة ، ثم قال لها : كوني قلما ، ثم قال له : اكتب ، فقال له : يا ربّ وما أكتب؟ قال : ما هو كائن إلى يوم القيامة ، ففعل ذلك (١) ، وفي حديث آخر قال لسفيان الثوري : «فنون ملك يؤدي إلى القلم وهو ملك ، والقلم يؤدي إلى اللوح وهو ملك ، واللوح يؤدي إلى إسرافيل ، وإسرافيل يؤدي إلى ميكائيل ، وميكائيل يؤدي إلى جبرئيل ، وجبرئيل يؤدي إلى الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم» (٢).
ويبدو لي أنّ معنى القلم يتسع لمصداقها المعروف عند الإنسان ، باعتبار القلم وسيلة لنقل العلم وتثبيته بالكتابة ، والعلم قيمة اعتمدها الوحي ، فيكون القسم بالقلم كوسيلة للعلم كاشفا عن عظمته لأنّه يرفعه إلى مرتبة سائر الحقائق التي أقسم الله بها في القرآن ، وإذا كان الإنسان يستمد قوّة لحديثه بالقسم والمقسم به فإنّ كلام ربنا يعطي ما يحلف به قيمة وشأنا ، فنحن إذن نعرف عظمة القلم لأن ربنا أقسم به.
وهكذا نستوحي من هذا القسم دور القلم في منح المؤمنين الكرامة والعزة وفتح آفاق العلم ، وأنّ علينا أن نملك ناصية القلم إذا أردنا امتلاك ناصية الحياة ، وقد قال ربنا سبحانه : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٣) ويدل على ذلك القسم بما يسطّر القلم (وهو العلم).
(ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ)
قالوا : يعني الملائكة الذين يكتبون بالقلم أقدار الله في اللوح ، أي قسما باليراع
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٨٨.
(٢) المصدر.
(٣) العلق / ٤ ـ ٥.