استلهامهم هذا المعنى من الحديث المأثور عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا سئل عن العتل الزنيم : «هو الشديد الخلق ، الشحيح ، الأكول الشروب ، الواجد (شديد الحب) للطعام والشراب ، الظلوم للناس ، الرحيب الجوف» بيد أنّ هذه الصفات ـ حسبما يبدو ـ ليست مقصودة بذاتها ، بل هي في حقيقتها كنايات عن صفات معنوية أو مقارنات معها تتصل بأخلاق الإنسان ، والشاهد على ذلك ما جاء في اللغة من جذر هذه الكلمة حيث نقرأ في اللغة : عتله : جذبه وجرّه ، يقال عتله إلى السجن أي دفعه بعنف (١) ، وقال الله يأمر خزنة النار بعذاب الأثيم : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) (٢) أي ألقوه بدفع وعنف ، والعتل : الجافي الغليظ (٣) ، وفي بعض الروايات قال رسول الله (ص): «رحب الجوف ، سيء الخلق ، أكول ، شروب ، غشوم ، ظلوم (٤) ، وعن ابن مسكان عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله الصادق ـ عليه السلام ـ : ما معنى قول الله عزّ وجلّ : «الآية»؟ قال : «العتل العظيم الكفر» (٥) ، والذي يبدو لي أنّ الكلمة تتسع إلى الكثير من صفات الشر والباطل ، ولا يكون الإنسان عتلا حتى يعظم انحرافه كما قال الإمام الصادق (ع) ، وتتداعى فيه الصفات السيئة تسافلا نحو الحضيض ، وذلك ما يشير إليه السياق القرآني حيث جعل (العتل) من آخر الصفات ، وقال مبيّنا أنّها تأتي بعد اجتماع كثير من الصفات السيئة في الإنسان «بعد ذلك» فهي غاية الشر ، ومجمع الأخلاق الدنيئة.
باء : الزنيم .. هو اللصيق والمزنّم اللاحق بقوم ليس منهم ولا هم يحتاجون إليه
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٣٩٤ عن المجمع.
(٢) الدخان / ٤٧.
(٣) المنجد مادة عتل.
(٤) مجمع البيان / ج ١٠ عند الآية.
(٥) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٣٩٤ نقلا عن عيون الاخبار.