فكأنّه فيهم زنمة (١) ، وسمّي الدّعي زنيما لأنّه شاذ عن المجتمع ولا ينسجم معه فكأنّه من غير جنسه ، ولعلّ هذه الكلمة تتسع للعملاء الدخلاء على المجتمع الإسلامي ، والمتصلين بأعدائه العاملين لمصالحهم ، وما أقرب المنافقين من حقيقة الكلمة. أو ليسوا في الأمة وليسوا منها ولا معها؟
وكلمة أخيرة نقولها في الآيات : أنّ نهي الله عن الطاعة للذين مرّ ذكرهم هو نهي عن اتخاذهم بطانة للقيادة وأعضاء في جهازها الديني والسياسي لما في ذلك من أخطار عظيمة على واقع الأمّة ومستقبلها ، وعلى مسيرة القيادة الفكرية والإيمانية والسياسية ، ومكانتها الجماهيرية في المجتمع.
[١٤] ويبيّن السياق جذور الصفات السيئة عند المنافقين وهما اثنان :
الأول : الافتتان بالدنيا. وقد ذكر الأموال والأولاد من زينة الدنيا لأنّهما غاية ما فيها ، والمال لا يقصد به الدينار والدرهم بل هو كل ما يملكه الإنسان من حطامها والمال رمزه ، كما أنّ الأولاد لا ينحصرون في الأبناء من الصلب وحسب بل هم كل أتباع المترفين ، والأولاد أقرب المصاديق في التبعية والطاعة ، وهذا ما أكّده الله في قوله : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢) ، وافتتان الإنسان بهما يعني حبه للدنيا و «رأس كل خطيئة حب الدنيا» (٣) ، كما قال الإمام الصادق (ع) ، أو كما قال رسول الله (ص): «حب الدنيا أصل كل معصية وأول كل ذنب» (٤).
__________________
(١) المنجد / مادة زنم.
(٢) الكهف / ٤٦.
(٣) موسوعة بحار الأنوار / ج ٧٣ ـ ص ٧.
(٤) تنبيه الخواطر / ص ٣٦٢.