أي ؛ انها قيم رجعية لا تنسجم مع الواقع المعاصر فهي أساطير تشبه ما يسطّره الأولون بخيالاتهم من القصص البعيدة عن واقع الحياة وحقائقها ، وهذه من طبيعة الإنسان حينما يتكبر ويعاند لا يبحث عن صحة الفكرة ، ولا كونها حقّا أم باطلا ، وإنّما يبحث قبل ذلك وبعده عن التبرير بغضّ النظر عن سلامته .. فالمهم أن يقدّم عذرا مبرّرا ، ولكن هل درس المترفون رسالة الله دراسة موضوعية عقلانية أو صلتهم إلى هذا الحكم ، أم أنّهم وجدوها لا تتفق مع أهوائهم ، ووجدوا الرسول لا يداهنهم ولا يطيعهم فقالوا ذلك؟ بلى. إنّهم ربطوا الرسالة بمصدر بشري (الأولين) ولم يربطوها بالله حتى يهربوا من مسئولية الحق ، ولكن هل يصير الحق باطلا بمجرد أن يقول أحد أنّه أسطورة أو باطل؟ كلّا .. وهكذا لا تغيّر أباطيل المترفين من حقيقة الرسالة شيئا أبدا ، ودليل ذلك أنّهم لن يفلتوا من الجزاء.
[١٦] بل سيتأكد لهم يوم الجزاء أنّ الرسالة حقائق واقعية عند ما يجازيهم الله ويعذّبهم ، وهذا ما يوضّح لنا العلاقة بين قول المترفين أن الرسالة أساطير الأولين وبين قول الله مباشرة :
(سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ)
والوسم : العلامة التي يعرف بها الشيء ، ويقال للكي وسما لأنّ العرب كانت تحمي حديدة تكوي بها الدواب لتكون فيها علامة مميزة ، والميسم هو آلة الوسم ، وإنّ المترفين ليكوون يوم القيامة بمياسم خزنة النار ، التي تترك عليهم علامة يعرفهم بها الخلائق فيفتضحون ويعيبونهم على أفعالهم وذنوبهم الدنيئة. وقد نستوحي من هذه الآية أنّ الإنسان وحتى المترف لا يعترف وهو يمارس الذنب كالهمز والنميمة ومنع الخير أنّه على الباطل ، بل يخفي الحقيقة بشتى الوسائل والمبررات عن الآخرين ، ولذلك كان من جزائه في الآخرة الفضيحة بالوسم على