الخرطوم ، فما هو الخرطوم؟
في المنجد : خراطيم القوم ساداتهم وأبرزهم ، يسمّى بذلك الأنف ، ويستعمل خصوصا للفيل (١) ، وقيل للأنف خرطوما لأنّ الوجه أبرز ما في الإنسان ، والأنف أبرز ما في الوجه ، وربما وصف القرآن أنوف المترفين بالخراطيم (أنوف الأفيال الطويلة) لأنّهم عادة ما يشمخون بها على الناس استطالة وتكبّرا ، حتى لتكاد تطول لو أمكنها. وقد تمحورت كنايات العرب عن التكبّر حول الأنف ، يقولون : شمخ بأنفه ، وأرغم الله أنفه ، وآتي برغم أنفه (٢) ، وحيث يعذّبهم الله بالوسم على أنوفهم فذلك إهانة لهم باعتبارها مقياس العزة والتكبر ، يقال : أعزّ الله أنوفهم إذا رفع القوم شأوا. ولعل الكلمة تتسع إلى اللسان الذي يحلفون به ، ويهمزون به ، وينمّون ، ويمنعون الخير ، ويحاربون به الرسول والرسالة ، وما إلى ذلك من سائر المعاصي التي يلعب اللسان فيها دورا رئيسيا ، وإنّما يطيل الله أنوفهم أو ألسنتهم في الآخرة لتستوعب بمساحتها قدرا أكبر من العذاب.
قصة أصحاب الجنة :
[١٧ ـ ٢٠] ويشبّه القرآن واقع المترفين مذكّرا بقصة أصحاب الجنة ، لأنّهم كهؤلاء افتتنوا بزينة الحياة الدنيا فاتبعوا الأهواء وخالفوا الحق واستكبروا على المحرومين ، لو لا أنّهم بعد طائف من الله عليها اكتشفوا خطأهم وبادروا إلى التوبة خشية العذاب الأكبر في الآخرة. قال ابن عباس : (إنّه كان شيخ كانت له جنّة ، وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كلّ ذي حقّ حقّه ، فلمّا قبض الشيخ وورثه بنوه ـ وكان له خمسة من البنين ـ فحملت جنتهم في تلك
__________________
(١) المنجد / مادة خرط (١٢) بتصرف.
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ عند الآية.