(فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ)
نادى بعضهم بعضا ، وأجمعوا بالفعل على ضرورة التبكير في الذهاب إلى الجنة وصرمها ، واستحثّ بعضهم بعضا.
(أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ)
أي إذا كنتم تريدون الوقت الأنسب للصرم من دون استثناء فلا أنسب من الغدو ، وهو السعي أول الصبح. وأصل الحرث من قلب الأرض بآلة الحراثة ، وحرثكم يعنون الذي أتعبتم أنفسكم حتى حرثتموه ، وفي ذلك استثارة للذات ، بأنّكم الذين أجهدتم أنفسكم وحرثتم الأرض وزرعتموها وناضلتم منذ البداية حتى أثمرت .. فأنتم وحدكم إذن الذين يجب أن يكون لكم النتاج لا يشارككم فيه أحد من الناس.
(فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ)
في سرعة متأنّية محفوفة بالحيطة والحذر من الفضيحة ، لكي ينجزوا المهمة لو أمكنهم قبل استيقاظ المساكين ورواحهم إلى حوائجهم. والتخافت نقيض الجهر والإعلان فهو التّسار ، ويبدو أنّهم يدعون بعضهم إلى المزيد من الكتمان والتخفّي. أو كانوا في أثناء انطلاقهم إلى الصرم يتناجون الحديث والتآمر. وعملوا المستحيل من أجل همّهم الشاغل الذي تخافتوا به طيلة الطريق إلى جنتهم ، وهو إخفاء الأمر على المعوزين حتى لا يسألوهم شيئا ممّا يصرمون.
(أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ)
والمسكين هو المعوز الذي لا يملك حتى قوت يومه ، والآية تدل على مدى شحّهم