عن الحق ، وإن شيئا لا يصير إلّا أن يشاء الله ، وإنّه يعلم حتى السر ، وإنّ في الإنفاق في سبيل الله خيرا عظيما وبركة ، وقيل : ضالون أي أنّنا ضيّعنا الطريق وصرنا إلى غير جنتنا إذ لم يصدّقوا أنفسهم أنّ الأرض التي تركوها أمس بأفضل حالة قد تحوّلت إلى بلقع فزعموا أنّهم قد ضلوا الطريق إلى أرضهم إلى غيرها ، ولكن كيف يضيّع الإنسان أرضه؟! كلّا .. إنّها أرضهم بعينها ، وإنّهم ضالون عن الحقيقة وليسوا ضالين عن جنتهم ، وإنّهم حرمهم الله بمشيئته وحكمته.
(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ)
وثمّة علاقة بين ضلالهم وحرمانهم وهي أنّ بلوغ الإنسان تطلعاته وأهدافه المعنوية والمادية متصل بالمنهج الذي يتبعه في الحياة ، فحينما يخطئ اختيار المنهج أو يضل عن المنهج الصحيح فإنّه بصورة طبيعية مباشرة سيحرم ليس من معطياته المعنوية بل حتى المادية منها ، وهذا ما وقع فيه أصحاب الجنة ، وفي الحديث قال الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ : «إنّ الرجل ليذنب الذنب فيدرأ عنه الرزق» (١).
ونستوحي من الآية بصيرة أخرى وهي : أنّهم اهتدوا إلى أنّ الحرمان الحقيقي ليس قلّة المال والجاه بالمسكنة ، وإنّما الحرمان والمسكنة قلّة الإيمان والمعرفة بالله بالضلال.
وهكذا أصبح الحادث المريع بمثابة صدمة قويّة أيقظتهم من نومة الضلال والحرمان ، وبداية لرحلة العروج في آفاق التوبة والإنابة ، والتي أوّلها اكتشاف الإنسان لخطئه في الحياة. وهكذا نهتدي إلى أنّ من أهمّ الحكم التي وراء أخذ الله
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٣٩٥ نقلا عن الكافي.