القناعة بخطإ المسيرة السابقة ، والآخر : البحث عن المنهج الصالح ، وهذه خير فرصة لهم يطرحوا فيها الرؤى والأفكار الرسالية ويوجهوا الناس إليها. وإنّها لظروف أمتنا الإسلامية التي جرّبت اليمين واليسار وتعيش الآن مخاض العودة إلى الخيار الإلهي الأول بروح عطشة لتلقّي الرسالة والطاعة لحملتها والقادة إليها. وكذلك وقف أصحاب الجنة من أوسطهم ودعوته للعودة إلى الحق :
(قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)
فالقيم الإلهية إذن صحيحة لا خطأ فيها لأنّها تتنزل من عند الله صاحب الكمال المطلق ، إنّما الخطأ والداء في الإنسان الذي يظلم نفسه بالانحراف عن الحق. وكذلك ينبغي للأمة الإسلامية أن تقيّم واقعها وهي تبحث عمّن هو المسؤول عن تخلّفها ، هل الإسلام أم المسلمين؟
وهكذا سبّحوا ربهم لكي لا يلقوا بمسؤولية خطئهم على الأقدار ، لأنّ ذلك كان يعيق انطلاقتهم نحو التغيير والإصلاح.
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ)
يلقي كلّ واحد المسؤولية على غيره ، وهذه من الطبائع البشرية أن يدّعي الإنسان المكاسب ويتهرّب من التبعات والنكسات ، وعلى ذلك مضى المثل : «الهزيمة يتيمة وللانتصار ألف أب» ، ولكنّ أصحاب الجنة تجاوزوا هذه العقبة أيضا ، واعترفوا جميعهم بالمسؤولية إيمانا منهم بأنّها الحقيقة الواقعية ، والسبيل النافع الوحيد للتغيير الجذري الشامل.
(قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ)