أي الويل (العذاب) لنا وبسببنا إذ طغينا ، والطغيان أعظم من الظلم لأنّه تجاوز الحد فيه ، وهكذا يجب أن يعترف الإنسان (فردا وأمة) بحجم الخطيئة الواقعي دون تصغير يدعو إلى التبرير ، ولا تضخيم يبعث روح اليأس من الإصلاح ، بل اعتراف الشجعان الذي ينفخ في النفوس روح التوبة النصوح إلى الله ، ورجاء المتطلعين إلى الإصلاح والخير.
(عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها)
في الدنيا والآخرة.
(إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ)
وبالرغبة إلى الله يتجاوز الإنسان فتنة الدنيا وأسرها الذي يقع فيه بالرغبة الطاغية إليها.
وفي نهاية القصة يضع القرآن أمامنا أعظم المواعظ والعبر التي تهدي إليها وهي : ضرورة أن يتخذ الإنسان حوادث الدنيا وأحداثها علامة وآية هادية لما في الآخرة.
(كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)
قيل : يعني لو كانوا يعلمون عذاب الآخرة ، وهو صحيح ، والأقرب منه أنّ صاحب البصيرة والعلم يعرف وهو في الدنيا بإيمانه وبصيرته أنّ ما في الآخرة أعظم حينما يرى العذاب في الدنيا. وهنا يتضح الفرق بين صاحب البصيرة الذي يرى الحقائق بعقله (كأوسط أصحاب الجنة) وبين أصحاب الجنة الذين اهتدوا لعظمة عذاب الآخرة بما وقعوا فيه من الويل الدنيوي ، أو يكون ضالا فلا يهتدي