من القيم حتى يكون مقبولا عند العرف العام ، وتلك النسبة تدين طائفة من تصرفاتهم فلا يريدونها ، وهكذا كانت مخالفة حكم العقل والقانون من أظهر سمات المجرمين ، كما أنّ تحكيم الهوى والشهوات من أعظم بواعث الجريمة.
ولعلنا نهتدي من ذلك إلى أنّ من عظمة الإسلام أنّ فيه قيما أساسية ثابتة لا يمكن تبديلها وتحويلها ، بل أن تبقى هي الميزان في المجتمع ، وهذه القيم لا يعطي الله لأحد (من رسول وإمام أو حاكم شرعي أو دولة) الحقّ في خرقها تحت أيّ عنوان ، ولأيّ سبب بالغ ما بلغ ، والحكمة في ذلك أنّها فوقهم جميعا ، وأنّ دورهم هو التنفيذ وليس التشريع ، كما أنّ الرسالة تفقد مصداقيتها وقيمتها لو بدّلت فيها هذه القيم ، بلى. إنّ المصلحة العامة قد تقتضي تغيير بعض القوانين ولكن ضمن إطار قانوني معيّن.
[٣٩ ـ ٤٣] وبعد أن نفى السياق أيّ شاهد من عقل أو نقل (كتاب) يؤيد مساواة المسلمين والمجرمين ، ينفي أن تكون للمجرمين أيمان على الله تقتضي براءتهم من النار وتحللهم عن أيّة مسئولية تجاه أعمالهم.
(أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ)
والأيمان البالغة إمّا بمعنى التامة من جميع جهاتها وشروطها ، نقول : بلغ الصبي إذا تمّت رجولته واستوى ، أو بمعنى الأيمان التي لا تنقض والتي تتصل ..
(إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ)
وتقضي أن يكون الأمر كما يقولون بضرس قاطع أنّ لهم براءة من العذاب.
(إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ)