حكم الله بحكم الشراكة معه في الملك والتدبير ، سبحانه ، وهكذا تراهم يعتقدون بالشفاعة الحتمية التي تقتضي نجاتهم من العذاب يقينا بفعل تأثير الآلهة الصغار كالأصنام والملائكة والجن والأولياء الذين يتوهم البعض أنّهم يتقاسمون الله الربوبية سبحانه وتعالى.
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ)
والمشركون حينما يعودون إلى وجدانهم ، أو عند المواجهة العلمية بالجدال أو الواقعية حيث يجازي الله الناس ، يعرفون أن لا حول للشركاء ، وأنّهم إنّما يخدعون أنفسهم ويخادعون الآخرين إذ يتظاهرون بعقيدة الشرك ، ولقد رأينا كيف أفحم نبيّ الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ المشركين في عصره عند المجادلة ، (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ* قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ* فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ* ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ* قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١).
وفي هذه النهاية القوية يتضح لنا أنّه تعالى في الآية (٤١) من سورة القلم إنّما طالبهم بأن يأتوا بشركائهم استثارة لوجدانهم وعقولهم للتحقيق في زعم الشركاء ، باعتبار أنّ بطلانه لا يحتاج إلى أكثر من ذلك ، فهناك مزاعم كثيرة يسترسل معها الإنسان ويعتبرها مسلّمات بل مقدّسات ولكن بمجرد عرضها على عقله ووجدانه والتفكير فيها بجدّ يتبين له مدى سخفها ، وإنّما كانت هذه المسلّمات تستمد قوّتها من التمنيات ومن الغفلة والجهل.
وإذا كان الإنسان قادرا على فضح باطل الشركاء بالوجدان والعقل في الدنيا
__________________
(١) النساء ٦٢ / ٦٧.