عردّ (١).
دال : ويمكن القول أنّه كناية عن تجلّي أصول الحقائق ، وإنما استخدم القرآن الكشف عن الساق لأنّ ساق الشيء أصله ، وعلى هذا قيل ساق الشجرة. ويوم القيامة هو يوم الكشف عن أصل الحقائق فهنالك يكشف للناس الحق الأصل وأعمالهم ، قال علي ابن إبراهيم : يوم يكشف عن الأمور التي خفيت (٢) ، ولعلّنا نلمس تلويحا إلى هذا المعنى في قوله تعالى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٣). إذن فيوم القيامة هو يوم سقوط الحجب عن الحقيقة ليراها الناس كما هي ، وهل ترى الساق إلّا حينما يكشف عنها ما يمنع الرؤية عنها؟
وكذلك يتضح للمجرمين بطلان حكمهم بالتساوي مع المسلمين ، وأنّه ليس من كتاب يؤيّد ذلك ، ولا يمين بالغة قطعها الله على نفسه لصالحهم ، ولا شريك موجود فينفعهم يوم القيامة إن لم يكتشفوا ذلك بأنفسهم في الدنيا ، فيهتدوا للحق ، ويسلّمون لله بدل ممارسة الجريمة حيث الفرصة قائمة لا تزال ، وإلّا فإن شيئا من ذلك لا ينفعهم قيد شعرة في الآخرة لأنّها دار جزاء لا عمل فيها.
(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ)
دعوة تشريعية يوجّهها منادي الحق يومئذ ، وتكوينية يفرضها هول الموقف وعظمة تجليات الحقيقة ، وهنالك يستجيب المؤمنون لربّهم بطبيعة التسليم التي كانوا عليها في الدنيا ، وبفعل الخشية من مقام الله ، بل لا يملك أحد من أهل المحشر
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٣٩.
(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٨٣.
(٣) ق ٢٢.