من الأحوال والأتباع الذي يزيد لهم فيه ليطغوا في الدنيا ويأتوا يوم القيامة لا خلاق لهم.
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)
وكلّما أترفهم الله ظنوا ذلك دليلا على رضاه عنهم ، وأنّ مسيرتهم سليمة ، فيتمادون في الانحراف ولا يعلمون أنّ الإملاء كيد متين ضدهم ، (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ* أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (١) ، (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٢) ، والإملاء هو الزيادة في النعم والإمهال في الأخذ ، ولماذا يستعجل الله وهو لا يفوته أحد وله الأولى والآخرة؟
وفي النصوص تحذير من حالة الاستدراج الذي يأتي نتيجة لاسترسال الإنسان ، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ : «إذا أحدث العبد ذنبا جدّد الله له نعمة فيدع الاستغفار فذلك الاستدراج» (٣) وقال ـ عليه السلام ـ : إذا أراد الله عزّ وجلّ بعبد خيرا فأذنب ذنبا تبعه بنقمة ويذكّره الاستغفار ، وإذا أراد الله عزّ وجل بعبد شرّا فأذنب ذنبا تبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى به ، وهو قول الله عزّ وجلّ : «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» بالنعم عند المعاصي (٤) ، وفي رواية : «أنّ رجلا من بني إسرائيل قال : يا ربّ كم أعصيك وأنت لا تعاقبني؟! فأوحى الله إلى نبيّ زمانهم أن قل له : كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر ، إنّ جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت» ، وفي
__________________
(١) المؤمنون ٥٤ ـ ٥٦.
(٢) آل عمران ١٧٨.
(٣) مجمع البيان ج ١٠ عند الآية.
(٤) نور الثقلين ج ٥ ص ٣٩٧.