الكشّاف قال الزمخشري : قيل : «كم من مستدرج بالإحسان إليه ، وكم من مفتون بالثناء عليه ، وكم من مغرور بالستر عليه» (١).
ثانيا : الاعتقاد بأنّ الرسالة مغرم.
[٤٦] وثمّة مرض عضال يستولي على قلوب المترفين يدعوهم للتكذيب بالرسالة والرسول وكل حركة إصلاحية في المجتمع وهو شعورهم الخاطئ بأنّ الاستجابة لها واتباع المصلحين مغرم يخالف مصالحهم ومن طبيعة رؤوس الأموال وأصحابها الجبن. ولكن هل الرسالة جاءت لتأخذ منّا شيئا أم جاءت لتعطينا الكثير وفي مختلف جوانب الحياة الفردية والاجتماعية والحضارية؟
بلى. قد يتصوّر الإنسان حينما يلاحظ برامج الإنفاق التي تفرضها رسالة الله وتدعوا القيادات الرسالية إليها أنّ الاستجابة لذلك مغرم ، ولكنّ البصيرة النافذة تناقض ذلك تماما ، فإنّ المجتمع حينما تحكمه القوانين الإلهية سوف ينمو اقتصاديّا وحضاريّا لصالح الناس وحتى لصالح أصحاب الثروة ، لما في الرسالة من برامج لتنميتها وتدويرها. وليس أدلّ على ذلك من دراسة تجربة مجتمع الجاهلية المتخلف في شبه الجزيرة العربية ومقارنتها بواقع الإسلام حينما آمنوا بمناهجه وكيف تطوّرت حياتهم ، فلما ذا إذن يكذّب المترفون؟!
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ)
والمغرم في التجارة الخسارة أو ما يعطى من المال على كره (ه) ، والتجارة التي يدل الرسول الناس عليها لا خسارة فيها ، بل هي مشتملة على أرباح الدنيا والآخرة ، كما أنّه (ص) لا يسأل أحدا أجرا على تبليغ الرسالة لأنّه (ص) (وكذلك كل قيادة رسالية) إنّما يبلّغ لوجه الله لا يريد جزاء ولا شكورا ، ولا يطالب بمال ولا منصب ،
__________________
(١) المنجد مادة غرم.