إنّما لأجر الله عزّ وجلّ الذي وعده وكل مصلح مخلص فقال : (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) كما مرّ في مطلع السورة.
نعم. إنّ دعوة الرسول (ص) خالصة من أيّ تطلّع نحو حطام الدنيا ، فلا مبرّر يدعو المترفين للتكذيب به أو التشكيك في سلامة رسالته ، وحيث يتثاقلون عن اتباعه فلمرض في صدورهم.
ثالثا : البطر.
[٤٧] إنّ المترفين ينظرون إلى الحياة ويقيّمون كلّ شيء فيها من خلال المادة (المال والثروة) وكأنّها كل شيء ، وما دامت في أيديهم فإنّهم لا يحسّون بالحاجة إلى العلم أو القائد العالم الذي يهديهم إلى الحق ، ويرشدهم في جوانب الحياة المعنوية ، والقرآن ينفي ذلك فيتساءل مستنكرا :
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ)
كلّا .. إنّ علم الغيب يختص بالله ، وإذا أخرجه الله فهو إمّا في رسالاته وإمّا عند رسله الذين يرتضي ، لأنّهم وحدهم الذين يتصلون به عبر الوحي. والذي يريد اتصالا بالغيب فلا طريق له إليه إلّا بالتصديق بالرسالة والرسول (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) (١) ، والمترفون يكذبون بهما فكيف يدّعون علم الغيب؟!
إن علم الغيب عند الله وهو وحده الذي يستطيع أن يكتبه بالقلم على لوح الأقدار ، لأنّه لا يتبع الظن أو التخمين. أمّا البشر فإنّهم ولو ادّعوا ذلك
__________________
(١) آل عمران ١٧٩ ولقد جاءت هذه الآية الكريمة في سياق مفصل للترف والمترفين.