كصفة نفسية تعطيهم روح الاستمرار والاستقامة على طريق الرسالة.
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ)
أي أنّ ذلك ليس أمرا شاذا ، بل هو من القوانين والسنن الطبيعية التي حكم الله بها أن تكون في المجتمعات ، ومعرفة هذه الحقيقة من شأنه أن ينفخ روح الصبر والاستقامة في نفوس المصلحين فلا يستعجلون النتائج أو يكفّرون المجتمع ، ولا حتى يكونون كيونس بن متى ـ عليه السلام ـ الّذي زرعت تحديات قومه في نفسه الغيظ والغضب لرسالة ربه فدعا عليهم بالهلاك.
(وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ)
قال الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ «أي مغموم» (١) ، وفي تضاعيف الآيتين (٤٨ ـ ٤٩) تحذير للمؤمنين من أنّ عدم الصبر لحكم الله ليس لا يخدم الرسالة فقط ، بل ويضرّ بهم أنفسهم ، كما أضرّ بيونس ـ عليه السلام ـ.
(لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ)
فسبّحه واعترف أنّ النقص كان فيه إذ تعجّل بالدعاء على قومه ، ولم يصبر لحكم ربه فظلم نفسه ، وليس في تدبير الله ولا في حكمه.
(لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ)
من قبل ربه أو عند قومه وعبر التاريخ بسبب موقفه ، ونبذ الله له بالعراء يدل على عدم رضاه عنه ، ولكنّه تعالى تداركه بنعمة منه معنوية حيث تاب إليه ، ومادية حيث أخرجه من بطن الحوت وأنبت عليه شجرة من يقطين تظلّه عن ذلك العراء.
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ص ٣٩٩.