كلّ قيادة رسالية تنشد التغيير ، وبالذات إعلامهم الموبوء بمختلف الدعايات والتهم الباطلة.
(وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)
وقولهم هذا يعبّر عن ذلك الفيض الّذي امتلأ به قلوبهم والموقف الّذي أظهرته أبصارهم ، وهكذا كلمات القرآن يفسّر بعضها بعضا ، فقوله سبحانه (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ) يفسّر قوله سبحانه : (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) ، فعبر أبصارهم الحادة وكلماتهم النابية يريدون ابعادك عن الصراط المستقيم.
واليوم ومع تطور الوسائل الإعلامية ينبغي أن يتوقّع كلّ مصلح رسالي أن يواجه المزيد من الضغوط في مسيرته ، وبالتالي عليه أن يصبر في نفسه ، ويستقيم في حركته وعمله لوجه الله وتسليما بقضائه وحكمه ، فأنّى كانت الضغوط والتهم لا يمكنها أن تغير من الواقع شيئا ، فهل يصبح العاقل مجنونا والذكر أساطير الأولين بمجرد أن يقول الكافرون ذلك؟ كلّا .. لأنّ الحقائق لا تتغيّر بقول المكذبين المنكرين ، وإنّ الدارس للقرآن لا يمكنه إلّا التسليم بأنّه رسالة من الله إلى الناس.
(وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ)
والذكر في مقابل الغفلة والنسيان ، وقد سمّي القرآن بذلك لأنّه يذكّر البشر بربّهم وبالحق في جوانب الحياة المختلفة ، بل ويكشف لهم من أسرار الوجود وقوانينه ، ويذكّرهم بعقولهم التي تستثيرها آياته ، فهو الّذي يحافظ على مسيرة الإنسان مستقيمة على الفطرة والحق ونحو الهدف السليم دون غفلة أو انحراف ، (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ* لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (١).
__________________
(١) التكوير ٢٧ / ٢٨.