وكيت» (١) ، وهو ضعيف ، لأنّ فيه تضعيف لكون الظن هنا بمعنى العلم واليقين الذي ذهب إليه أغلب المفسرين وهو الأقرب ودلّت عليه النصوص ، قال الإمام علي (ع) وقد سأله رجل عما اشتبه عليه في القرآن : «وأمّا قوله : «إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ» ، وقوله : «وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا» فإنّ قوله : «إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ» يقول : إنّي ظننت أنّي أبعث فأجاب ، وقوله للمنافقين : «وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا» فهذا الظن ظن شك ، وليس الظن ظن يقين ، والظن ظنان : ظن شك وظن يقين ، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين ، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك» (٢).
ويبدو لي أنّ الظن في هذه الآية مرحلة متقدمة من العلم واليقين ، لأنّه بمعنى الاستحضار والتصور ، فإنّ المؤمنين المتقين ليركزون الفكر في أمر الآخرة ويتخيّلون مشاهدها الغيبية قائمة في الشهود أمام أعينهم ، فتارة يتصورون الجنة وما فيها من النعيم ، وأخرى يتصورون النار وما فيها من شديد العذاب ، ممّا يزرع فيهم الخوف والرجاء ، بل ويرون الجنة والنار بكلّ وضوح في الأعمال الدنيوية.
وإنّ يقين المؤمنين بوجوب الحساب يجعلهم يتحركون في الحياة على أساس ذلك ، فإذا بهم يحاسبون أنفسهم ويسعون جهدهم أن تكون صحائفهم منوّرة بالصالحات ، فلغتهم في الحياة لغة رياضية ذات حسابات دقيقة في علاقاتهم ، وأوقاتهم ، وجهودهم ، وإنفاقهم و.. و..
[٢١ ـ ٢٣] ويبيّن الوحي جانبا من نعيم كل صاحب يمين فيقول :
(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ)
__________________
(١) الكشاف / ج ٤ ص ٦٠٣.
(٢) التوحيد للصدوق / ص ٢٦٧.