رضى الجنة ونعيمها حتى الفاكهة والطير والقصور بسكّانها من المؤمنين ، فقد جاء في الروايات أنّ الفاكهة تخاطب ولي الله أن كلني قبل هذه وتلك ، وأنّ الطير بعد أن يأكله يعود سويّا فيطير في الجنة فرحا يفتخر على سائر الطيور قائلا : من مثلي وقد أكل مني وليّ الله؟ (١).
وفكرة أخرى نفهمها من الآية وهي : أنّ المؤمن لفي عيشة راضية حتى في الدنيا بسبب تسليمه لما يقسمه ربه له فيها ، وبسبب تطلعه إلى الآخرة ونعيمها ، فلا يسأم من فقر ، ولا تعكّر صفو عيشه مصيبة ، قال الإمام الصادق (ع): «ما من مؤمن إلّا وقد جعل الله له من إيمانه أنسا يسكن إليه ، حتى لو كان على قمة جبل» ولرضاه في الدنيا لله فإنّه يجعله في كمال الرضى معنويا وماديا في الآخرة.
(فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ)
في درجتها ومقامها المعنوي ، وفي ارتفاعها فإنّ خير الجنان منظرا وثمرا ما نبت على الروابي وما كان شجرها عاليا رفيعا ممّا يزيدها روعة وظلالا ، ولكنّ علوّ الجنة ليس بالذي يجعل ثمارها لا تطالها الأيدي ، كلّا .. إنّما هي أقرب ما تكون ثمرة من قاطفها وجانيها.
(قُطُوفُها دانِيَةٌ)
بحيث لا يحتاج المؤمنون لبذل جهد وعناء من أجل جنيها وأكلها ، وللدانية بالإضافة إلى معنى القرب (من الدنو) معنى النضج والبلوغ ، فهي مقتربة من حين قطافها وقطعها من شجرتها.
__________________
(١) المصدر راجع المجلد الثامن عن الجنة ونعيمها.