قال رسول الله (ص): «من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ ، وإنّ الأنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله : يا وليّ الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي» (١).
[٢٤] وهنالك يدعى المؤمنون إلى مأدبة الله ، والمشتملة على ما لذّ وطاب من أنواع الأكل والشراب التي لا يعلمها إلّا هو عزّ وجلّ.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً)
لا ينغّصه عيب فيه ولا سبب خارجه ، وإنّما يبعث الهناء بمنظره (هو وآنيته ومائدته) وبطعمه اللذيذ وفوائده الجمّة. وفي الدعوة بفعل الأمر «كُلُوا وَاشْرَبُوا» إشارة إلى فكرتين : الأولى : الإباحة ، فكلّ شيء هناك مأكول ومشروب حلال مباح للمؤمنين لا حرام فيه ، والثانية : أنّ الله يعطي أصحاب الجنة القدرة الواسعة على الاستلذاذ بنعيمها فهم يستطيعون الأكل والشرب كلّما شاؤوا لا يمنعهم مانع ، قال رسول الله (ص): «والذي نفسي بيده إنّ الرجل منهم ليؤتى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع» (٢)
ولأنّ منهج الرسالة يهدف إصلاح الإنسان فهو لا يذكر قصص التاريخ ولا مشاهد القيامة إلّا ويوجد رابطا بينه وبينها ، ليحدّد لنا الموقف السليم تجاه ما يذكره ، كما سبق وأن قلنا : بأنّ القرآن يريدنا أن لا نعيش اللحظة الراهنة فقط ، إنّما نعيش الحاضر على ضوء الماضي والمستقبل .. كذلك يبيّن الوحي أنّ نعيم الجنة نتيجة للعمل الصالح في الدنيا.
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢١٦.
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٤٦.