وتؤكّد الآية اللاحقة هذا المعنى حيث يأتي أمر الله لملائكة العذاب بوضع الأغلال على أعدائه كرمز لسلبهم الحرية ، فلا يستطيعون حتى حراكا وهم يعذّبون. وإنّه ليقطع عليهم تمنياتهم وملامتهم لأنفسهم بنقلهم إلى عذاب النار.
(خُذُوهُ فَغُلُّوهُ)
«فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته» ، قال رسول الله (ص): «ثم تجيء صحيفته تطير من خلف ظهره فتقع في شماله ، ثم يأتيه ملك يثقب صدره إلى ظهره ، ثم يفتل شماله ، ثم يقال له : اقرأ كتابك ، قال : فيقول : أيها الملك! كيف أقرأ وجهنم أمامي؟ قال : فيقول الله : دقّ عنقه ، واكسر صلبه ، وشدّ ناصيته إلى قدميه ، ثم يقول خذوه فغلّوه فيبتدره لتعظيم قول الله سبعون ألف ملك غلاظ شداد ، فمنهم من ينتف لحيته ، ومنهم من يحطّم عظامه ، قال : فيقول : أما ترحموني؟ قال : فيقولون : يا شقي كيف نرحمك ولا يرحمك أرحم الرّاحمين؟ أفيؤذيك هذا؟ فيقول : نعم أشدّ الأذى ، قال : فيقولون : يا شقي وكيف لو قد طرحناك في النار؟ قال : فيدفعه الملك في صدره دفعة فيهوي سبعين ألف سنة» (١) ، وقال أمير المؤمنين (ع): «وأمّا أهل المعصية فخذلهم في النار ، وأوثق منهم الأقدام ، وغلّ منهم الأيدي إلى الأعناق ، وألبس أجسادهم سرابيل القطران ، وقطّعت لهم منها مقطّعات من النار» (٢) ، ولعمري إنّ أمر الله بالأخذ ليخصّ بالذات الطغاة من الحكّام الذين تسلّطوا على رقاب الناس فراح ضحية لأوامرهم بالسجن والتعذيب والقتل الكثير من الأبرياء والصالحين .. وقد ذكر صاحب الكشّاف (أنّها نزلت في أبي جهل) لأنّه كان سلطانا يتعظّم على الناس (٣).
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٨ ص ٣٢٠.
(٢) المصدر / ص ٢٩٢.
(٣) الكشّاف / ج ٤ ص ٦٠٤.