[٣١ ـ ٣٧] وبعد أن يغلّ المجرمون تؤمر الملائكة بواحدهم أن تصليه بالنار.
(ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ)
ومن طبيعة الإنسان أنّه يهبّ للدفاع عن نفسه أو الهرب عند مواجهة الخطر ، أمّا المجرمون الذين تغلّ أيديهم وأرجلهم فإنّهم يقاسون عذاب جهنم وعذاب الأغلال في نفس الوقت ، وذلك من أشدّ ألوان العذاب أن يصطلي الواحد بالنار ولا يجد سبيلا للخلاص والمقاومة.
قال الرازي عن المبرّد : أصليته النار إذا أوردته إيّاها (١) ، وقال القمّي : (أي) أسكنوه (٢) ، ويبدو لي أنّ أصل الاصطلاء من الصلة والوصول ، و «صلّوه» ، أي اجعلوا النار واصلة إليه كأكثر ما يكون وصولها لأحد واتصالها به كيفا وزمنا ، وقيل صلة الرحم لأنّ المراد العلاقة الحميمة المتصلة فلا انقطاع فيها.
(ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ)
أي طولها سبعون ذراعا ، والذراع ما يساوي ١٨ بوصة ٧٠ ١٢٦٠ بوصة ، وهذا الطول كاف لتلتف السلسلة على جميع أجزاء البدن ، فكيف وبعض المفسرين يعتبر السبعين للمبالغة ، كقول الله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٣)؟!
وقد ذهب البعض إلى أنّها سبعون ذراعا ولكن من أذرع الملائكة الطويلة التي لا نعلم قياسها ، وقيل بأن الحلقة الواحدة منها ما بين الرحبة في الكوفة ومكّة ، ونحن
__________________
(١) التفسير الكبير / ج ٣٠ عند الآية.
(٢) القمّي / ج ٢ عند الآية.
(٣) راجع الكشاف والتفسير الكبير / ج ٣٠ عند الآية.