على الشفاعة لمن غضب الله العظيم عليه؟ ولعلّ للآية ظلالا يتصل بعلاقات الإنسان الاجتماعية ، وأنّه ينبغي أن يبحث عمّا يدوم منها وينفعه في الدّارين ، فإنّ لأصحاب الشمال أخلّاء كثيرين وأصدقاء بالخصوص المترفين وأصحاب السلطة منهم ولكنّهم لا يحمونهم ولا حتى يسألون عنهم يوم القيامة ، (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (١).
أمّا طعامهم فإنّ المجرمين يكادون يموتون جوعا لأنّهم لا يجدون طعاما ، وحيث يمضّ بهم الجوع ويطلبون ما يأكلونه يؤتى لهم بطعام هو لون من أشدّ العذاب.
(وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ)
قال القميّ : عرق الكفار (٢) لأنّه غسالة أبدانهم ، وفي الدر المنثور عن ابن عباس : أظنّه الزقوم ، وفي خبر آخر : (هو) الدم والماء الذي يسيل من لحومهم (٣) إثر التعذيب ، وفي التبيان : وقال قطرب يجوز أن يكون الضريع هو الغسلين ، فعبّر عنه بعبارتين (٤) ، ولعل أقرب المعاني ما يخرج من أبدانهم من جراحة أو أنّه يتصف بمجموعة الصفات السيئة التي يمكن أن يحويها الطعام الرديء لونا ورائحة ومذاقا ، ولعل النفي ب «لا» يوحي بأنّ أصحاب الشمال لا يجدون الطعام بسهولة ، بل يبقون مدة طويلة يتضوّرون جوعا ، وإذا جيء لهم بطعام فإنّه لا يكون إلّا من «غسلين» ، وهذا يتناسب مع موقفهم من المساكين في الدنيا ، حيث كانوا لا يشعرون بجوعهم وعوزهم ، فهم بذلك يذاقون عذاب الجوع مما يكشف لهم مدى قبحهم إذ لم يطعموا المساكين ولم يحضّوا على إطعامهم.
__________________
(١) الزخرف / ٦٧.
(٢) تفسير القمّي / ج ٢ عند الآية.
(٣) الدر المنثور / ج ٦ ص ٢٦٣.
(٤) التبيان / ج ١٠ ص ١٠٦.