لماذا تتبع الملايين جيلا بعد جيل رسول الله ورسالته بينما لا تتبع الشعراء ولا تعتدّ بكلامهم؟
نعم. إنّ إقبال الناس منذ بعث النبي (ص) إلى اليوم وحتى المستقبل ـ الذي هو لرسالات الله ـ على الإسلام وإيمانهم به لآية بالغة على أنّها من عند ربّ العالمين.
(قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ)
قالوا : إنّ «ما» هنا بمعنى العدم ، أي أنّكم لا تؤمنون البته ، وأضافوا : العرب تقول : قلّما يأتينا يريدون لا يأتينا (١) ، ولكن يبدو أنّ القلة هنا بمعناها حيث ينسجم ذلك مع سائر الآيات التي تنفي الإيمان عن الكثرة (إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بينما تثبته للقلة (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ).
وكلمة أخيرة : إنّ الفرق بين الرسول وبين الشاعر هو الفرق بين الكريم الذي يتنازل عن ذاته وبين من تكون ذاته هي المحور في كلامه وتحرّكه ، فالشاعر يسأل الأجر والرسول يعطي ولا يسأل ، والرسول يقول الحق ولو على نفسه بينما الشاعر لا يملك هذه الشجاعة والإخلاص. كما أنّ قلّة إيمان الناس لن يكون في يوم من الأيّام مقياسا للحق ، لأنّ الرسالة ذاتها حق ، وبالتالي فإنّ الداء في من لا يؤمن وليس فيها ، لأنّها قمّة سامقة قلّ أن يصل ذروتها أحد.
[٤٢] وينفي القرآن أن تكون الرسالة من أقوال الكهنة.
(وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ)
__________________
(١) الرازي / ج ٣٠ ص ١١٧.