والكهانة من حيث المعنى هي التحدّث بالغيب ، والكهّان هم الذين يدّعون العلم به ، أمّا من حيث اشتقاقها اللفظي فيبدو أنّها من الأسماء الدخيلة لأنّ أصلها دخيل على المجتمع العربي من الثقافات الجاهلية التي تسرّبت إلى الديانات السماوية كاليهودية والنصرانية ومن خلالهما انتقلت إلى العرب ، ويشير إلى أنّ الكلمة مستعربة صاحب المنجد إذ يقول : واللفظة إمّا من كهن بالعبرانية ، أو من كهنا بالسريانية (١) ، والأقرب أنّها قدمت اسما وحرفة من الشعب العبري ، لأنّ اليهود كانوا يسكنون شبه الجزيرة ، وكانت لهم محاولات لنشر مبادئهم وأفكارهم فيها.
وثابت تاريخيّا أغلب روّاد الكهانة من اليهود والنصارى وقد اتخذوها سبيلا للوصول إلى الزعامة الروحية.
أمّا كيف يقضي الكهّان بما يحسبه الناس غيبا؟ الجواب للأسباب التالية :
أولا : الذكاء المتميّز الذي يساعدهم على التقاط إشارات الحقائق وإرهاصات الظواهر كبعض الجواسيس المتفوّقين اليوم.
ثانيا : القدرة على استشفاف المستقبل والتنبّأ به ، وهذه القدرة يمتلكها أغلب الناس إلّا أنّ الكهنة ينمّون هذه القدرة في أنفسهم شأنهم شأن السياسيين الكبار أو لاعبي الشطرنج ومن أشبه.
ثالثا : الاتصال بالجن والأرواح الشيطانية عبر رياضيات روحية معينة شأنهم شأن المرتاضين اليوم.
رابعا : معرفتهم بالثقافات والعلوم الغربية عن ذلك المجتمع الجاهلي ، وهذه العوامل كانت تساعد الكهنة على التعرّف على بعض الحقائق المجهولة عند الناس والتي كانوا يخلطونها بكثير من الأكاذيب والأساطير.
__________________
(١) راجع المنجد مادة كهن.