بهم أحد إلّا حذّروه إيّاه ، وذكروا لهم أمره ...» (١)
وحكي عن الثاني (النضر ابن الحارث) قال :
«فقال : يا معشر قريش! إنّه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد. قد كان محمد فيكم غلاما حدثا ، أرضاكم فيكم ، وأصدقكم حديثا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم به قلتم : ساحر! لا والله ، ما هو بساحر ، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم ، وقلتم كاهن! لا والله ما هو بكاهن ، قد رأينا الكهنة وتخالجهم ، وسمعنا سجعهم ، وقلتم : شاعر! لا والله ما هو بشاعر ، قد رأينا الشعر ، وسمعنا أصنافه كلّها هزجه ورجزه ، وقلتم : مجنون لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه. يا معشر قريش! فانظروا في شأنكم ، فإنّه والله قد نزل بكم أمر عظيم ..» (٢)
[٤٤ ـ ٤٧] ونعود للآيات الكريمة حيث تؤكّد أمانة الرسول وصحّة الرسالة ، بنفي أيّ إضافة منه (ص) إليها نفيا قاطعا ، ممّا يهدينا إلى حقّانيّة الحق ، وأنّ الله يفرضه على الإنسان فرضا دون أن يتساهل حتى مع حبيبه وأقرب خلقه إليه النبيّ محمّد (ص).
(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ)
قال الزمخشري : التقوّل افتعال القول كأنّ فيه تكلّفا ، من المفتعل ، وسمّيت الأقوال المتقوّلة أقاويل تصغيرا بها وتحقيرا ، كقولك الأعاجيب والأضاحيك ،
__________________
(١) في ظلال القرآن / ج ٨ ص ٢١٦.
(٢) المصدر.