(ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ)
في الدر المنثور : عرق القلب (عن ابن عباس) وعن عكرمة قال : نياط القلب (١) ، وفي المنجد : عرق في القلب يجري منه الدم إلى العروق كلّها (٢) ، والمهم أنّه العرق الذي لو قطع لما بقي الإنسان حيّا .. ولو أخذ الله أحدا بيمينه فقطع منه الوتين فمن يستطيع أن يمنع عنه إرادة الله؟
(فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ)
أي ما نعين يمنعون نفاذ أمر الله في شأنه. والآية قمّة في البلاغة إذ تتحدى البشر فرادى «من أحد» ومجتمعين «حاجزين» في آن واحد ، وذلك لكي يمس التحدي أفرادها واحدا واحدا دون استثناء تأكيدا للمراد. وربما يقرأ المتدبر في تضاعيفها أنّ هناك قوى تسعى للضغط على القيادة الرسالية للتغيير من نهجها والتقوّل على الله ، فيجب أن لا تستجيب لها أو تنخدع بما عندها ، لأنّها لا تنفع شيئا ولا تحجز إرادة الربّ عزّ وجلّ. وحيث أنّ الرسول (ص) مطمئن لهذه الحقيقة فإنّه لا يتوكل إلّا على الله ، ولا ينتمي إلّا الى الحق ، ولا يقول إلّا الوحي.
وكفى بقول الرسول (ص) هذه الآيات وإعلانها للناس مع ما فيها من شديد اللهجة دليلا على نقله بأمانة ، إذ لو كان يتقوّل على الله لكان يحذفها أو يعزّز نفسه بصورة مطلقة دون حدّ ولا شرط ، كما يعزّز الكثير من الدعاة والحكّام أنفسهم حتى على الحق ، وما أحوج القادة وكل رسالي إلى هذه الشجاعة تأسيا بسيرة حبيب الله (ص).
__________________
(١) الدر المنثور / ج ٦ ص ٢٦٣.
(٢) المنجد مادة وتن.