(وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (١) ، ولذلك خاطب الله رسوله فقال : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً* وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (٢) ، ولقد اعترف بهذه الحقيقة الكافرون والمشركون منذ قبل : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) (٣) ، وهذه الخصيصة في الرسالة تفسر ظاهرة التكذيب بها من قبل بعض الإنس والجن ، لأنّ الرسالة في مرتبة عالية قلّ أن يسموا إليها البشر ، والله يعلم بأنّ جبلا كثيرا منهم سوف يكذّبون بها.
(وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ)
بتأكيدات لفظية ثلاثة «إنّ» واللام في «لنعلم» و «أنّ» ، وإذ يكذّبون فلأنّهم لم يسموا إلى درجة المتقين الذين يتذكرون بالوحي ويسلمون لآياته ويستوعبون حقائقه الكبيرة ، وليس لعيب في القرآن.
(وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ)
والحسرة بنت الخسارة ، والأثر المعنوي المترتب عليها ، وبذلك يكون القرآن قد أشار إلى الأمرين معا ، وإنّما يكون كذلك لأنّه الحق الذي يدمغ باطلهم فإذا هو زاهق في الدنيا ، كما أنّه ميزان لأعمال الخلق في الآخرة ، والشافع المشفّع والماحل المصدّق ، وحيث كذّبوا به يريهم أعمالهم حسرات عليهم يوم القيامة ، ولا يشفع لهم ، بل يمحلهم بالشهادة عند الله ضدهم.
__________________
(١) فصّلت / ٤٤.
(٢) الإسراء / ٤٦.
(٣) فصّلت / ٥.