بالآخرين وينجو ، أو يطمع أن يدخل جنة نعيم ، ولكنّها لا تعطي أمانا أبدا ، قال شيخ الطائفة مفسّرا الآية : قيل يخافون أن لا تقبل حسناتهم ويؤخذون بسيئاتهم (١) ، وفي الكشاف : أي لا ينبغي لأحد وإن بالغ في الطاعة والاجتهاد أن يأمنه ، وينبغي أن يكون مترجّحا بين الخوف والرجاء (٢) ، وقيل : لأنّ المكلّف لا يدري هل أدّى الواجب كما أمر به ، وهل انتهى عن المحظور كما نهي (٣).
وكون العذاب غير مأمون لا يعني أنّه تعالى لا يعدل ، حاشا وهو السلام المؤمن ، بل لكون الإنسان غير معصوم ، ولكون التمحّض في الحقّ من جانبه صعبا وقليلا أهله ، قال الإمام الصادق (ع): «أتي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقيل له : إنّ سعد بن معاذ قد مات ، فقام رسول الله (ص) وقام أصحابه معه ، فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب ، فلمّا أن حنّط وكفّن وحمل على سريره تبعه رسول الله (ص) بلا حذاء ولا رداء ، ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر ، فنزل رسول الله (ص) حتى لحّده وسوّى اللبن عليه ، وجعل يقول : ناولوني حجرا ، ناولوني ترابا رطبا ؛ يسدّ به ما بين اللّبن ، فلمّا أن فرغ وحثا التراب عليه وسوّى قبره قال رسول الله (ص) : «إني لأعلم أنّه سيبلى ويصل البلى إليه ، ولكنّ الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه» ، فلمّا أن سوّى التربة عليه قالت أمّ سعد : يا سعد هنيئا لك الجنة ، فقال رسول الله (ص) : يا أمّ سعد مه ، لا تجزمي على ربك فإنّ سعدا قد أصابته ضمّة ، قال : فرجع رسول الله (ص) ورجع الناس فقالوا له : يا رسول الله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد ، إنّك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء ، فقال (ص) : إنّ الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسيت بها ، قالوا : وكنت تأخذ يمنة السرير مرّة ، ويسرة السرير
__________________
(١) المصدر.
(٢) الكشاف / ج ٤ ـ ص ٦١٣.
(٣) الميزان / ج ٢٠ ص ٢٠.