باء : إنّ حفظ الفرج يبدأ من طهارة القلب بعفّة الإيمان وعفّة النظر عمّا حرّم الله ، وهكذا سائر الجوارح كالسمع واللمس ، فإنّ فرج الإنسان لا يزال محفوظا حتى تدخل قلبه أفكار الشيطان ، أو يزيغ نظره إلى الحرام ، وكذا سمعه وجلده.
جيم : إنّ التعبير جاء بالجمع «فروجهم» وليس بالمفرد ، وذلك يهدينا إلى أنّ من حفظ فرجه فإنّه يحفظ فروج عرضه ومن يتعلّق به كسنّة اجتماعية طبيعية ، وهكذا من يقتحم به الفواحش فإنّما يجعل فروجه ـ زوجته وأخواته وإخوانه وعقبه ـ عرضة للتورّط في الفاحشة ، فقد أوحى الله إلى موسى (ع) : «يا موسى! من زنى زني به ، ولو في العقب من بعده» (١) «يا موسى! عفّ يعفّ أهلك» (٢) ، «يا ابن عمران! كما تدين تدان» (٣) ، وفي حديث آخر : «لمّا أقام العالم (الخضر عليه السلام) الجدار (لليتيمين) أوحى الله إلى موسى (ع) : إنّي مجازي الأبناء بسعي الآباء ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، لا تزنوا فتزني نساؤكم ، وإنّ من وطئ فراش أمري مسلم وطئ فراشه. كما تدين تدان» (٤).
دال : وإذا نظرنا إلى الآية بتفكّر أمكننا توسيع معنى الفروج ليشمل كلّ فرجة يساهم بها الإنسان في ممارسة الجنس ، كالفم والأذن والعين وفتحات الشم ، وإنّ المصلين يعفّون بها عن ممارسة الحرام ، فلا يقبّلون بشفاههم غير أزواجهم ، ولا يتلفظون بها كلمات الغرام والغزل ، كما أنّهم لا يستمعون بآذانهم أحاديث الهيام وكلمات الحبّ ، ويصونون أعينهم عن النظر إلّا إلى محاسن الأزواج وزينتهنّ ، بل ويحفظون مشامّهم قدر المستطاع عن الاستلذاذ بالحرام!
__________________
(١) كلمة الله للشهيد الشيرازي / ص ١٩١.
(٢) المصدر.
(٣) المصدر.
(٤) المصدر / ص ١٩٣.