(وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ)
فلا يكتمون الشهادة ، ولا يشهدون بالباطل ، لا فرق عندهم أكانت لهم أم عليهم ، لأنّ المهم هو إقامة الحق وإعلاء كلمته لوجه الله. وبالتالي فإنّهم لا يتأثرون بالضغوط التي تدعوهم للعدول بالشهادة عن الحق.
والشهادة أوسع من أن نحصرها في القضاء ، بل هي قيام الإنسان بالشهادة للحقّ في كلّ حقل وبعد ، وذلك بالدفاع عن الحقّ قولا وفعلا ، مما يجعله ميزانا للحق ، وحجة بالغة على المخالفين له ، كما قال الله يخاطب حبيبه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (١) ، وقال : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (٢).
وبكلمة «قائمون» أعطى القرآن مفهوما أعمق للشهادة ، فهي ليست مجرّد قول الحقّ عند اختلاف الناس فيه ، بل قد يرقى إلى خوض الصراع الذي قد ينتهي إلى القتل في سبيل الله ، وهو قمّة شهادة المرء للحق. وبكلمة : إنّ القيام هنا قد يكون نقيض القعود في قول الله : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (٣) ، مما يجعل كلّ مؤمن شهيدا شاهدا على عصره ، ويجعل الصلاة رمز شهادته ومعراج شهوده.
الثامنة : المحافظة على الصلاة.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ)
__________________
(١) الأحزاب / ٤٥.
(٢) البقرة / ٤٣.
(٣) النساء / ٩٥.