[٤٣ ـ ٤٤] ويبيّن القرآن صفات اليوم الذي يوعد الكافرون وأعداء الله ، مصوّرا مشاهد منه ، تبعث في القلوب رهبة وتدعوا الإنسان إلى التفكير في اتّقاء سوء عذابه.
(يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً)
بإرادة الله ، فإذا بجسد الإنسان تتصل به روحه ، ويصير بشرا سويّا واعيا في ساعات معدودة ، «سراعا» بحيث لا يحتاج الأمر أن يمرّ كلّ واحد بمراحل خلقه الاولى .. نطفة فعلقة فمضغة .. إلخ. والجدث هو القبر. وإنّ الكافرين الذين تنكّبوا عن الصراط ورفضوا دعوة الله عن طريق رسله في الدنيا لا يملكون يومئذ حيلة ولا قدرة للصدّ عن دعوة الحق ، بل يجيبون دعوة الداعي مسرعين.
(كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ)
أي يعدون ويسرعون. وللنصب معان :
الأول : العلامات ، فكلّ ما نصب وجعل علما وعلامة فهو «نصب» وما أشبه إسراعهم يومئذ بإسراع الضائع في الصحراء حينما يقع بصره على العلامات الهادية إلى الطريق!
الثاني : الأصنام ، جاء في المنجد : الأنصاب حجارة كانت حول الكعبة تنصب فيهلّ عليها ويذبح لغير الله (١) ، قال تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢).
__________________
(١) المصدر / مادة نصب.
(٢) المائدة / ٩٠.