بدورهم الخطير؟ إن حديث القرآن في هذه السورة يبيّن لنا الخطوط العامة للنهج الذي تلتقي عليه كل الرسالات والزعامات الإلهية ، وذلك بعرض قصة نوح عليه السلام.
اولا : التصدي لقيادة التغيير :
(قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
ان نوحا لم ينظر للأوضاع نظرة لا أباليّة ـ كما هو شأن الكثير من الناس الذين لا يهمّهم سوى أنفسهم ومصالحهم ـ إنّما تحسس الانحراف بكل أبعاده (الاجتماعية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والاخلاقية) ولم ينتظر من الأقدار ان تغيّر أحوال الناس ، ولم يلق بالمسؤولية على غيره ، بل كان متيقّنا بأن الواقع رهن إرادة الإنسان ذاته ، ولا يتغير سلبا أو إيجابا إلّا تبعا لتغييره ما بنفسه ، فبدأ بتغيير ذاته وانطلق منها لإصلاح المجتمع ، متحملا من أجل ذلك كامل المسؤولية ، ومتحديا كل العقبات والضغوط مع إصرار على إبلاغ الرسالة ، والاستقامة في طريق ذات الشوكة.
ومن هنا طرح نفسه كقائد ورمز للتغيير ، وقبلها بالعمل الدؤوب المبرمج ، والمخلص لوجه الله. اعتقادا منه بأن القيادة أمانة ومسئولية قبل ان تكون منصبا وشهرة ، وعملا وتحدّيا ، فكان أول طريقه مصارحة المجتمع بالحقيقة ، وتوجيهه الى وجود الانحراف ، باعتبار أن وضع اليد على الداء ، والقناعة بأصل الخطأ أول خطوة في طريق الإصلاح ، فإن الأمّة التي يأخذها الغرور ، ولا تنتهج النقد الذاتي تبقى إلى الأبد في انحرافها وأخطائها وتخلفها.
ولم يكن نوح عند ما طرح نفسه جاهلا بمدى التحديات التي سيواجهها ، ولكنه