والتزام الإنسان بها مؤشّر على عمق إيمانه ، واقتحامه عقبة الشح الكبرى. لذا قال تعالى :
(وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ)
أي أنّ الإنفاق يعود على صاحبه بالخير ، فهو يزكّي النفس ويزيد إيمانها ، ويتقدّم بالمجتمع اقتصاديّا لما يسبّبه من نماء في الثروة وتدوير لها. وللآية تفسير آخر هو : أنفقوا خيرا في مقابل الشر ، فإنّ الخير هو الذي يعود للنفس والمجتمع بالنفع.
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
وشحّ النفس هو مجموع الصفات السلبية التي تعبّر عن حب الذات وحب الدنيا ، كالبخل والحرص والعنصرية وما أشبه ، وإذا انتصر الإنسان على شح نفسه صار من المصلحين لأنّه جذر كلّ ضلال وانحراف ومعصية في حياة البشر ، ولأنّ الإنتصار عليه يفتح الطريق له نحو كل فضيلة وصلاح ، ولذلك يحدّثنا أبو قرّة فيقول : رأيت أبا عبد الله (الإمام الصادق عليه السلام) يطوف من أوّل الليل إلى الصباح وهو يقول : اللهم قني شحّ نفسي ، فقلت : جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء؟! قال : وأيّ شيء أشد من شح النفس ، وإنّ الله يقول : «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (١)
والإنفاق من أهم العوامل التي تقضي على شح النفس ، جاء في الحديث المأثور عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ : «من أدّى الزكاة فقد وقي شح نفسه» (٢)
(إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ)
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٤٦
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٠١