النفس ، والرجوع منها بالقول والعمل ، واللجوء الى الله استجارة به منها ومن عواقبها ، وبتعبير آخر : إن الاستغفار برنامج متكامل وهذا ما تفصح عنه المعطيات التي يأتي بها.
(يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً)
اي مطرا كثيرا متواصلا ، تدرّه السماء كما يدرّ ضرع البقر الحليب ، وقد قدم القرآن ذكر الماء لأنه عصب الحياة والحضارة.
(وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ)
يعني أن الاستغفار يتسبب في النمو اقتصاديا وبشريا ، وقيل : انهم كانوا قد قحطوا ، وأسنتوا (أجدبوا) وهلكت أموالهم وأولادهم (قبيل العذاب الأليم) ولذلك رغبهم في رد ذلك بالاستغفار مع الإيمان والرجوع الى الله (١) والى ذلك ذهب أكثر المفسرين ، ونهتدي من هذا السياق الى أن الإيمان والاستغفار ليس من شؤون الآخرة وحسب بل هو متصل أيضا بحياة الإنسان في الدنيا. وعن قتادة قال : رأى نوح (ع) قوما تجزعت أعناقهم حرصا على الدنيا ، فقال : هلمّوا الى طاعة الله فإن فيها درك الدنيا والآخرة (٢) وإلى ذات الحقيقة أشار الإمام علي (ع) في خطبة الاستسقاء حيث قال : «وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سببا لدرور الرزق ، ورحمة الخلق فقال سبحانه : «الآية» (٣).
(وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً)
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٦١
(٢) الدر المنثور ج ٦ ص ٢٦٨
(٣) نهج البلاغة خطبة ١٣٤