يحاكم صاحبه عند كل انحراف ، وفي المجتمع الانساني عرف عام يلاحق المجرم باللّائمة واللعنة .. كل ذلك يدعوا المجرم الى صنع ثقافة تبريرية للتهرب من وخز الضمير ومحاكمة الفطرة كما يدعوه الى مقاومة المصلحين وإسكات أصواتهم المعارضة ، لعلهم ينجون من لومهم وادانتهم ولعل هذا هو السبب في أن الإنسان كلما ازداد إجراما كلما ازداد مكرا وكيدا لأنه تزداد حاجته الى الفرار من لوم ذاته وإدانة العرف العام.
(وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً)
بنسبة عصيانهم وضلالهم ، وهذا ما يفسر مدى اهتمام المستكبرين وأذنابهم في هذا العصر الذي تزداد فيه الجريمة ، ويطغى فيه المستكبرون بأجهزة الاعلام ووسائله ، حتى تكاد الميزانية الإعلامية تضاهي أحيانا الميزانية العسكرية.
[٢٣ ـ ٢٦] ومن عظيم مكرهم تواصيهم بالباطل وتضليلهم لبعضهم ، إبقاء على الانحراف وإصرارا على الضلال.
(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)
وقد اختلف المفسرون في هذه الأسماء ، وأقرب الآراء : أنها ترمز الى رجال عظماء من أبناء آدم ، أوحى إبليس الى تابعيهم باتخاذ تماثيل لهم ، ثم أمرهم بعبادتهم ، وبهذا وردت بعض النصوص.
وقولهم : «لا تذرن» حتى نهاية الآية (٢٣) مما لاكته ألسن المترفين الذين أحسوا بخطر الرسالة على زعامتهم ومصالحهم ، وهم لا يدعون الناس للتمسك بتلك الأصنام ايمانا بها انما لأنها رمز للثقافة التي تمكنهم من السيطرة على المجتمع ، كما تنفخ دعاة العنصرية فيها وفي رموزها لمواجهة الحركات التحررية.