(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً)
بهذه الدعوات الباطلة ، حيث وجدوا بين الناس من اتبعهم بسبب الجهل أو انسياقا وراء المصلحة الدنيوية.
(وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً)
قيل : ان الضمير في «تزد» راجع الى الأصنام ، فالمعنى أنها لا تزيد الظالمين باتباعها الا ضلالا ، وقيل : ان الجملة استئنافية ، وهي دعوة من نوح على قومه بأن لا يزيدهم الله إلّا ضلالا ، وهي دعوة عليهم بكل شرّ مستطير ، أو ليس الضلال أصل كل شر ، وقد استجاب الله دعاء نبيه الذي أيقن بأن الحياة لا تصلح لهم ، وان الموت أولى لهم ، وكذلك اوحى اليه ربه : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) (١) فأهلكهم غرقا بالطوفان ، وهنا يلفتنا السياق الى حقيقة أساسية ، وهي أن سنة الجزاء مرهونة بالإنسان نفسه ، فهي تجري في سياق العدالة الإلهية ، وان كانت مظهرا لقدرة الله أيضا ، ولو أننا فتشنا في الأسباب لهلاك أي قوم لوجدناها أعمالهم ومساعيهم لا غير ، وهذه بالضبط قصة قوم نوح مع الطوفان.
(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً)
أصابهم الغرق في الدنيا ، ونقلهم الموت إلى سوء العذاب في الآخرة ، حيث نار جهنم التي تنتظر كل كافر ومشرك ، وما كان موتهم في لجّة الأمواج ينجيهم من نيران جهنم في البرزخ ، لأن تلك النار تكمن في وجودهم.
(فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً)
__________________
(١) هود / ٣٦